الخميس، 19 يونيو 2014

راكان بن حثلين.. العشق والشعر والفروسية





ولد الشيخ راكان بن حثلين في عام 1230هـ الموافق 1814م عندما قتل الشيخ فلاح بن حثلين (والد راكان) عام 1262هـ الموافق عام 1845م , خلفه اخوه الشيخ حزام بن حثلين (عم راكان بن فلاح بن حثلين) ,و عام عام 1276هـ الموافق عام 1859م ,و بعد ان امضى الشيخ حزام بن حثلين حوالي خمسة عشرة عاماً زعيماً لقبيلة العجمان , و تنازل عن زعامته لابن اخيه الشيخ راكان بن فلاح بن حثلين , في عام 1276هـ الموافق عام 1859م , بسبب كبر سنه
و بذلك يكون عمر الشيخ راكان بن فلاح بن حثلين حينما تولى زعامة قبيلته (46)عاماً ,و توفي عام 1310هـ الموافق عام 1892م عن عمر يناهز حوالي ثمانين عاماً , و بذلك تكون فترة زعامته لقبيلته خمسه و ثلاثون عاماً.



وقد نشأ نشأة الفرسان، ووعشق في شبابه  فتاة هي ابنة عامر بن جفن من أمراء آل سفران  وقال هذه القصيدة عندما رأى أهلها يرحلون في طريقهم إلى مكان اخر في فصل الربيع : 


الـلـه مـن قـلـب غـدا فـيه تـــفريق
يـتـلي ضـعـون مـبـعـديـن الـمـنـاحـي
قسم بـتـغريب وقـسم بـتـشــريـق
 والقـسم الآخـر مـا ادري ويـن راحـي
لي صاحـب مـا فتق البيت بي ويق
 ولا عـذبـه طـرد الـهـوى والـطـمـاحـي
والله يا لولا افـاهـق الصبـر تـفـهيق
 وارجي عسى دربه يجيلي سماحي
أبوي يـا حامي عـقـاب المـشافيق
لا طــيــر الــذلان ضـــرب الــمـلاحـي
راعي الـدلال بـل وصـايـف غـرانيق
 الدلال فـيـهـن أشـقـر الـبـن فــاحــي
وحامي حدور الخيل وقت التزاهيق
وكـريـم سـبـلى في ا لليال اشـحاحـي
ذبـاح حـيـل عـلـقـن بـل مـشـانيق
حـيل الغنم مـع مسـمـنـات الـقـاحـي 
سوقوبها شـقح البكار المـلاهيــق
مـثـل الـقـنوف اللي بـها البرق لاحـي 
ترى لها رجال قرومن مطاليق
كسابة العليا الطيور الفلاحي


وعندما سمع والده هذه الأبيات عرف انه مشغول بحب الفتاة  وعلم أن عليه بالجاه للحصول عليها ، فطلب بعضا من كبار قومه أن يقصدوا الشخص الذي حاجرها وهو ابن عمها الذي احتجزها لفسه ومنعها من الزواج حسب تقاليد البادية، فعندما وصلوا عنده أكرمهم فطلبوا منه أن يسمح لهم بالفتاة لتزويجها للشيخ راكان فأعطاهم إياها ولم يقصر في حقهم وأهداه على كرمه فلاح بن حثلين والد راكان فرسا له من الخيل الأصيلة على حجار البنت ورفض أخذها ولم يقبلها ولكن حلف عليه ليقبلها ، وقال فلاح ابن حثلين والد راكان هذه الأبيات 

يامن يبشر باريش العين راكان
ان حنا طلبناها وكمل نشــبها 

امر تســـهل بين ذربين الأيــمان
هذاك يعطيــها وهذا طلبــــها 

ومن حشمتك سقنا طويلات الأثمان
بنت الحصان اللي طوال حجبها 

مايستوي في البيت نايم وسهران
وتــكثر نجوم الليل للي حســبها 

كله لعينا وقفتك بين الأضــعان


يومك تخايل وين راحو عربــها
وتم زواج الشيخ راكان من معشوقته بنت عامر بن جفن وأنجبت منه فلاح بن راكان بن فلاح آل حثلين . وله أيضا غزلية في بنت عامر بن جفن يصف بها مدى آلامه من هذا الحب لها وانه لا يستطيع العيش بدونها ويقول فيها

يا ونـتـي ونـت خـلـوج تـسوفـي
عـلى مـكان حوارها تعول اعوال

لابو دليقي فوق متنه صـفـوفـي 
راعـي أشـقر مـتثيني كنه حبال 


والشيخ راكان بن فلاح آل حثلين زعيم قبيلة العجمان ، هو فارس مغوار وشاعر مشهور ، وهو مذكور في كتب التاريخ لما له من بطولات ارتبطت مع القبائل الأخرى ، ومع الدولة العثمانية ، اشتهرت قصة أسره في الدولة العثمانية وبعض أشعاره هناك ، وكانت الاحساء تحت الحكم العثماني بما يعرف بسنجق الاحساء ، وتقوم الدولة العثمانية بدفع مبالغ سنوية من بيت مال المسلمين لبعض القبائل ، بما يسمى بالخرجية ، ومنها قبيلة العجمان ، وهذه المبالغ تدفعها الدولة العثمانية من اجل كسب ولاء هذه القبائل ، وحتى لا تتعرض للقوافل العثمانية حين تمر في منازلها ، وكانت الخرجية تدفع للقبائل المسيطرة على الطرق الواصلة بين المناطق الرئيسة للدولة العثمانية ، على امتداد شبة الجزيرة العربية ، وكانت قبيلة العجمان ترحل إلى مواطن الكلأ في فصل الشتاء ، من اجل رعي مواشيهم ، ويعودون إلى الإحساء في فصل الصيف ، من اجل الماء ، وكان راكان بن حثلين يقوم دائما بتوكيل وكيل له من اجل استلام الخرجية السنوية من الدولة العثمانية في الإحساء ، وهذا الوكيل اسمه ( ابن عوده ) من أهل المراح وتقع بالقرب من منطقة العيون شمال الإحساء ( الهفوف ) ، وفي أحد المرات رحلت قبيلة العجمان إلى البر ، ولما استقر بهم المقام هناك ، ركب راكان بن حثلين مع ستة أشخاص من جماعته وذهبوا جميعا إلى وكيل راكان ليوكله في استلام الخرجية من القائم مقام في الإحساء ، وأتفق راكان مع ( ابن عوده ) على استلام الخرجية ، وواعده على موعد قادم من اجل العوده واستلام الخرجية ، وحين ذهب (ابن عوده ) إلى الباشا ، طلب الباشا من ( ابن عوده ) أن يخبره حين يصل راكان بن حثلين إليه حتى يقبضوا عليه ، وحين وصل راكان بن حثلين إلى ( ابن عوده ) ألح الأخير على عمل العشاء واستضافة راكان بن حثلين ومن معه ، وأثناء ذلك قام (ابن عوده ) بإرسال من يخبر الباشا بوجود راكان بن حثلين عند ( ابن عوده ) ، واستطاع الأتراك أن يقبضوا على راكان بن حثلين وهو على عشاء (ابن عوده ) الذي أمنه راكان بن حثلين على ماله وحياته ويالها من أمانة عند من لا يؤتمن قربه ، وتم وضع القيود به هو ومن معه ، أما راكان بن حثلين فقد تم تكبيله بالقيود وإرساله إلى مدينة اسطنبول في تركيا ، عن طريق البحرين ، وفي أثناء سيره بمنطقة الإحساء ، مر بالقرب من بعض النساء اللواتي يقمن بجمع الحطب من اجل إشعال النار وكن تلك النساء من قبيلة المرة والعجمان فتعرفن عليه ، وهنا جاشت قريحته وقال هذين البيتين يوصيهن بصون العرض والشرف وقال 
سلام عليكن كلكن ياحطاطيب
الله يساعد كلنا في نويه
بنات يام لاتجن القصاصيب
وباليسري لاتدخلن في حويه


شالح بن هدلان.. رثى أخيه الفديع وولده ذيب قبل موتهما

عندما يصدق حدس الشاعر
شالح بن هدلان.. رثى أخيه الفديع وولده ذيب قبل موتهما


علي المسعودي

اشتهر شــــــالح بن هـدلان القحطاني بافروسية والكرم بين قبيلته والقبائل الأخرى، كما اشتهر بعلاقة الأخوة الحميمة بينه وبين أخيه الفديع.. وكانت بينهما رديات شعرية جميلة يسمر بها محبو الشعر وهم يسمرون في ليالي الهدوء والأنس في بادية مكشوفة تستظل بالسماء وتفترش العشب.. وتواجه الأنواء.
لكن شيئا ما كان يشعر به شالح جعله يقول شعرا يبدو وكأنه رثاء لأخيه، وهو إحساس غريب بدأ ينتاب هذا الفرس الذي كانت رهافة حسه تقرأ الأحداث وهو ماقاله صراحة في شعره " كني بمايجري على العمر داري" وهي من القصيدة التي تبدو رثاء مبكرا قبل موت أخيه.. إذ قال:
واخوي ياللي عقب فرقاه باضيع
كني بمايجري على العمر داري
أخوي ياستر البني المفاريع
ومطلق لسان اللي باهلها تماري

وقد صدق حدس شالح.. وتحقق مايشعر فقد خاضت قبيلة قحطان معركة كبيرة مع إحدى القبائل، وكان الفريع يرمي نفسه في القتال رمي الطامعين بالموت.. فيهجم كالضواري، حتى قتل في تلك المعركة ورثاه أخوه شالح بقصيدة رثائية صريحة بدأها بقوله:
أمس الضحى عديت روس الطويلات
وهيضت في راس الحجا ماجرى لي

ومر زمن، كبر فيه أبناء شالح وهم (مناحي، ذعار، عبدالله، ذيب، سداح، ومحمد) لقنهم والدهم مكارم الأخلاق، وأرشدهم إلى دروب الفروسية.. فبرز من بينهم ذيب في بأسه الشديد في القتال، ومراسه ومرانه وشجاعته وجرأته في المواجهة مهما كانت الأخطار. ومن جديد انتاب شالح ذلك الإحساس الغريب بالفقد.. وكان يطالع وجه ولده ذيب ليملأ عينيه منه وهو يهمس لنفسه أن هذه الجرأة حتما ستؤدي به إلى الهلاك.. فقد قال الشاعر العربي:
(الجود يفقر والإقدام قتال)
فما كان منشالح إلى أن يرثي ولده وهو على قيد الحياة في هذه القصيدة المؤلمة والجميلة، والتي بعدها تحقق إحساس الأب وكان الأجل في معركة من المعارك..أخ


ما ذكر به حي رثى حي يا ذيـب
واليوم أنا برثيك لو كنـت حيّـا
ويا ذيب يبكونك هل الفطر الشيب
ان لايعتهـم مثـل خيـل المحيّـا
وتبكيك قطعان عليهـا الكلاليـب
وشيال حمل اللـي يبـون الكفيّـا
وتبكيك وضح علقوهـا دباديـب
ان رددت من يمـة الخـوف عيّـا
ويبكيك من صكت عليه المغاليـب
ان صاح باعلى الصوت يا هل الحميّا
ننزل بك الحزم المطرف ليـا هيـب
ان رددوهـن ناقليـن العصـيّـا
انا اشهد انك بيننا منقـع الطيـب
و الطيب عسرٍ مطلبـه مـا تهيّـا